كنت أرغب بجعل العنوان كالتالي "بيئة صناعة الفرنشايز والإسطوانات الفارغة"، إلا انه عدم رغبتي بجعل العنوان يعكس محتوى ساخر بشكل كامل عند اللحظة الأولى لقرائته إخترت عنوان "بيئة صناعة الفرنشايز" لأنه من الأساس شق كبير من المقصد عندي مرتكز على هالنقطة.
اللحظة التي تصادف بها رجل أعمال ويبدأ الحديث عن الفرنشايز ستسمع جمل تتمحور بشكل كامل حول غياب التشريع للفرنشايز، كذلك عند اللحظة التي تقرأ بها تصريح لمسؤول بجهة ذات علاقة ستقرأ جمل كلها تتمحور حول غياب التشريع كذلك، كذلك عند اللحظة التي تصادف بها شخص يعمل بحقل الفرنشايز سواء بجهة مانحة او بجهة مطورة لخدمات الفرنشايز ستسمع ما تم ذكره عن غياب التشريع، من أواخر التسعينيات وغياب التشريع يعتبر مسمار جحا عند الجميع والكل بقدرة قادر أصبح ملم بجوهر المشكلة ويملك كم هائل من الحلول حسب تصوره تساعد على نهضة صناعة الفرنشايز والتقدم نحو مصاف الدول المتقدمة بحكم قدرة نقل المعرفة. لا تعتقد بأن توفر الحلول لدى هؤلاء قد أتى من مخيلتي فهناك تصريحات للكثيرين من المنّاح وبعض المسؤولين بهذا الشأن، حتى أن أحدهم قد تنبأ بالقدرة على قيادة المنطقة في هذا المجال. طبعاً كل ما سبق عبارة عن إسطوانات فارغة تصدر من قبل هؤلاء لا أقل ولا أكثر.
بيئة صناعة الفرنشايز، لنبدأ بالبيئة ونقول بأنه بمجرد قرائتك لهذا الحديث من خلال جهاز جهاز مكتبي فغالباً أنت تتحرك داخل بيئة عمل أو منزل وعلى الغالب كذلك مقهى، أما إن كنت تقرأ من خلال جهازك النقّال أو الجهاز اللوحي فأنت تتحرك داخل بيئة متنقلة مرتكزة على الجهاز بحد ذاته. طبعاً غالباً ما يتم إستخدام مصطلح البيئة في الإشارة إلى المناخ وسطح الأرض وكل ما يحيط بهما، لكن مصطلح البيئة مصطلح مطاط إذ أنه دائما ما يتمحور حور القدرة على الحضن، بمعنى أن كل ما تقوم به داخل نطاق معين وكل ما يحيط بهذا النطاق سيكتسب مسمى البيئة، فمثلاً عندما تقرأ عن بيئة التعليم فمن الطبيعي أن يذهب تركيزك صوب كل ماله علاقه بمجال التعليم من موارد وخلافه ولن تستحضر حالة الطقس وتأثيره على التعليم. أما صناعة الفرنشايز فهي صناعة حاضنة لجميع الصناعات، فستجد قطاع مطاعم الوجبات السريعة يعمل تحت مظلة الفرنشايز وكذلك قطاع الطاقة والمال والصحة والتعليم وكذلك المنظمات الغير ربحية وإلى ما لا نهاية، قدرة صناعة الفرنشايز على إستيعاب هذه القطاعات هي بقدرة الفرنشايز بحد ذاته على التوسع من خلال مخرجات الرخص التي يوفرها.
نعود لنقطة التشريع، المتعللين بغياب التشريع أود أن أشير بأنهم غير مخطئين بهالنقطة، إلا أنه الأفق لديهم ضيق وبالتالي فما سيقدمونه من حلول سيكون عبارة عن إنتكاسة تستلزم إعادة الحديث عن التشريع وبالتالي حفلة يقودها فريق من الجن يصعب تتبع حراكهم، ما جعلني أورد الجن هنا هو تغريدة من رجل أعمال ناجح بتويتر تحدث بتغريدة له عن عيوب الفرنشايز وذكر من ضمن العيوب غياب قدرة المتابعة مع المانح لبعد النطاق الجغرافي وكأن الشركات العالمية ترسل فريقاً من الجن يقوم بمهمة المتابعة عنها وبالتالي وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم بفضل الجن، ومو بعيدة يخرج علينا رجل الأعمال مرة أخرى لكي يتحدث عن توصله لحل عبقري يكمن في طلاسم تتولى عملية نقل بيانات العمليات للمانح وبالتالي يتم ضمان تأدية العمليات على أتم وجه. قد يكون التشريع جزء من المشكلة إلا أنه ليس المشكلة بحد ذاتها إذ أنه بغياب بيئة صناعة الفرنشايز فالتشريع حتى وإن وجد فسيصبح عاجز عن تقديم ما وجد له من الاساس. أعتقد بالفقرة السابقة قد وضحت بيئة صناعة الفرنشايز ومن الفقرة الحالية سيتم توضيح تركيبة هذه البيئة. بحكم أنه العلاقة من الاساس بين مانح وممنوح فمن الطبيعي أن تكون البيئة لصناعة الفرنشايز قد نشئت من أطر هالعلاقة فيما يتعدى المانح والممنوح وللتوضيح سنسرد تركيبة البيئة في النقاط التالية:
1. المنظمة الأهلية: أي دولة تهتم بصناعة الفرنشايز بها ستهتم بالمقام الأول بمنظمة تضمن التقدم لهذه الصناعة إذ أنها ستعتبر المنظم الداخلي ومنفذ الإتصال الخارجي كذلك وبتفوقها فسيصبح كذلك شعارها علامة تميز المانح في حال الحصول عليه، ليس هذا فقط بل ستستطيع ضمان إستقرار هذه الصناعة لدى الممولين مما سينقلنا للنقطة الثانية.
2. الممولين: أكثر ما تستهدفه صناعة الفرنشايز من قطاعات هي قطاعات الأعمال الصغيرة والمتوسطة، ولهذا أبعاد عديدة وأهمها محاربة البطالة، وبطبيعة الحال فالمستثمرين الجدد لا يملكون القدرة المالية بشكل مستمر للإستثمار في فرص الفرنشايز وهنا يأتي دور الممولين، فعوضا عن أن يتم إعانة عاطل أو توظيفة كذلك تتاح له الفرصة في الإستثمار وكذلك فرصة توظيف عدد من العاطلين معه مما سيترجم قدرة صناعة الفرنشايز على خلق فرص عمل جديدة وبشكل متجدد كذلك، وبتنظيم صناعة الفرنشايز تحت مظلة منظمة الفرنشايز المحلية ستكتسب الصناعة ثقة الممولين وبالتالي قدرة الجميع على النجاح والمواصلة.
3. المنظمين للمعارض: من فترة لفترة تصلني إيميلات تتضمن رغبة منّاح بالتوسع بالسوق المحلي، قد تسال نفسك لماذا أنا، لنبتعد عن شخصي ونركز لماذا من الاساس لم يعرض المانح فرصته بنفسه من خلال معرض خاص بالفرنشايز، قبل فترة اقيم معرض الفرنشايز بأبها والحضور كان معدوماً إذ لم يتجاوز العشرات إن لم يكن اقل، قد تتسائل ما سبب الفشل هنا، الأسباب عديدة إلا أنه أهمها غياب منظمة أهلية، ضعف قدرات المنظمين وبالأخير غياب ثقافة الفرنشايز لدى الجميع من مستثمرين قائمين ومستثمرين محتملين.
4. مقدمي خدمات الفرنشايز: بحكم ضعف بيئة صناعة الفرنشايز فمن الطبيعي أن تجد مقدمي خدمات الفرنشايز لاوجود لهم، قد تستغرب إن عرفت بأن المنطقة بصفة عامة لا يتعدى عدد المقدمين عن العشرة مقدمين على اعلى تقدير، في الإمارات العربية المتحدة ينشط المقدمين بنشاط منظمة الفرنشايز الهندية إذ أنها متعمقة بعلاقتها في الإمارات على تطوير صناعة الفرنشايز.
الأربعة نقاط السابقة تمثل بإختصار محاور بيئة صناعة الفرنشايز وإن نجحت البيئة في الطبيعي ان تتقدم صناعة الفرنشايز وإن فشلت فلا أعتقد بأن الوضع سيزداد سوءا عن الوضع الراهن، كذلك هنا ستفهم أهمية التشريع وكذلك فشله في حال غياب بنية البيئة، فسيصبح حينها عبارة عن نصوص تصارع الغبار حتى لا تفقد معالمها.
كذلك ما سبق لا تعنى به الدولة فقط، بل من الاساس القائمين على القطاع الخاص هم المعنيين به، إلا أنه بحكم غياب مفاهيم التطوير لديهم جعلهم غرقى في أوهام إصطنعوها بأنفسهم، فمثلا إلحاح البعض منهم على التشريع يجعلك تعتقد بأنه يعتبر المستثمرين عبارة عن لصوص ويرغب بالتأكد من القدرة على ملاحقتهم، طبعاً هنا لا نختلف معه لكن كذلك نستطيع بأن نقول له بأنه ليس الجميع ينطلق من حيث إنطلقت أنت "بمعنى كل يرى الناس بعين طبعه" وبدون كذلك أن نشير إلى سلامة تطوير برنامج الفرنشايز لديه، ولا نذهب بعيدا فالعديد من العلامات التجارية الناجحة عالميا موجوده بالسوق ولم تتضرر من غياب قانون الفرنشايز لتعاملها مع قانون الوكالات التجارية عوضا عن تضمين عقد الفرنشايز بين المانح والممنوح في التحاكم.
سلامة تطوير برنامج الفرنشايز سيجعل وجود منظمة أهلية للفرنشايز امراً ملحاً، فليس كل من قدم نشاطه بفرص فرنشايز ومغلف بعبارات تعبوية من نجاح وأحلام وخلافه يعتبر مضمون النجاح.
الحديث عن بيئة صناعة الفرنشايز حديث متشعب ولا ينتهي، إذ عادةً قد تشكل نقطة علاقة الممنوحين مع المانح محور الحديث وقد تصبح نقطة تطوير فرص فرنشايز التعليم محور الحديث وهكذا، إلا أنه ما سبق يقدم تصور واضح لك، وكذلك باب النقاش مفتوح.
0 comments:
Post a Comment