لنفترض بأنك وزملائك في أحد الليالي اختلفتم على المطعم الذي سيجمعكم على
وجبة العشاء، غالباً هنا الإقتراح الذي سيقبل به الجميع هو "فلنذهب إلى شارع
المطاعم ومن هناك سنرى المطعم المناسب وسنختاره"، طبعاً هذا الشارع سيقبل
عليه أنتم وغيركم الكثير وبالتالي سيصبح شارع تجاري بحت بنظر المستثمرين وستجد
بأنه في كل بضعة أمتار تتوفر هناك مستثمر يستميت للحصول عليها وإنشاء مطعمه الخاص
أو حتى نشاط مختلف معتمداً على الكثافة للمقبلين على هذا الشارع، وهناك غيره كذلك
ممن يرغب بالدخول بالإستثمار في هذا الشارع ومستعد لدفع أي مبلغ في سبيل إغراء أحد
الموجودين لدفعه على الخروج والدخول مكانه، بل قد يتمادى البعض اكثر ويفتتح له
وحدتين بنفس الشارع في سبيل جذب عملاء اكثر، وإن سألته عن جدوى هذا الأمر لرد عليك
بـ "ألا ترى البشر كيف يقصدون هذا المكان بكثرة"، طبعاً إن كنت مهتماً
بنسبة مئوية تترجم لك العائد المتوقع فسترهق نفسك، الشيء الوحيد الذي ستستطيع الوصول
إليه هو معرفة حجم المبلغ الذي يتم إنفاقه من قبل العملاء في هذا النطاق الجغرافي
خلال مدة زمنية، أما التفاصيل الأخرى فسترهقك بشكل عام لعدة إعتبارات، قد تتسائل
كذلك أين المُنّاح اصحاب العلامات التجارية العالمية في مجال المطاعم، ألم يكتشفوا
هذا الشارع ويعرفوا حجم الربح الذي يفتقدونه يومياً، عموماً هنا توقف ولا تحلق بك
إنجازاتك بعيداً حتى لا تجد نفسك غريقاً بها.
مما سبق سأفترض بأنني قد أسست لك مدخل بسيط للمضمون، قد تعتقد بأنه
مرتبط بتساؤلك عن المانع لدخول المُنّاح لهذا النطاق، عموماً التساؤل من قبلك
يفترض بأن يكون هو "كم من المفترض بأن يمنح المانح من رخص الفرنشايز"
فلو قبلت بتساؤلك سيبقى وجود المانح مقتصر على النطاق المذكور بتساؤلك السابق
وعليه فتوسعه مرتبط بالعوامل التي وفرها هذا النطاق وليس النشاط ومضمونه، كذلك إن
رغب المانح بالتوسع فهو سيتسم بنفس العقلية التي أدخلته لهذا النطاق وعليه فإنه لن
يفتتح أي وحدة جديدة أو يمنح ترخيص لها إلا بوجود وحدات موجودة مسبقاً، فهو من
الاساس لا يعرف سر إقبال العملاء عليه، بل يعرف بأنهم يقبلون على نطاق جغرافي
تتوفر به وحدات مشتركه معه في نفس المجال وعليه فأساس وجودها هي نجاحه وإنعدامه هي
خسارته، لكن ماذا لو قام المالك لهذا النشاط بالتطوير للفرنشايز معتقداً بأنه ناجح
فكم من الرخص سيمنح، تستطيع كذلك أن تتسائل عن حجم الكارثة التي ستتكون من خلف هذه
الرخص للمستثمرين بها، قبل ان نستكمل الحديث عن هذا الأمر إرجع للرابط التالي
لتعرف مفهوم التطوير الذي سيقبل عليه بعض المُنّاح هنا.
الآن أعتقد بأنك بالتأكيد ستقول بأنه إن أتم المانح عملية التطوير
بنمط سليم فهناك دليل إختيار الموقع، وعليه فهيا أيها المانح إمنح قدر ما تريد من
الرخص وازدهر وحرك عجلة التنمية بالسرعة التي تريد، عموماً إن إعتقدت هذا فأنت قد
أصبت، إلا أن الصورة لا زالت غير مكتملة فحاول أن تتعرف على مفهوم "التشبع" وكذلك حاول أن تعرف حدوده وهل هناك أُطر تستطيع تقييد أدوات
التوقع له، هنا ستتكون تفريعات عديدة لا حصر لها وكلها دائرة حول حياة العميل
فبالنهاية هناك بشر يريدون ضمان حصة لهم من مصروفات آخرين مثلهم، لنسرد أمثلة
بسيطة نحاول بها أن نستحضر أبعاد التشبع أو الإكتفاء، فلنقل بأني مانح في مجال
مشروبات القهوة وأنت ممنوح له محتمل من هجرة نائية وقدمت إلي طالباً رخصة وحدة في
مدينتي وأخبرتك بأن هناك إكتفاء على الوضع الحالي لكن لماذا لا تستثمر في هجرتك،
قد ترد علي وتخبرني بأن نمط الحياة في الهجرة نمط بدائي وبالتالي فالعملاء لن
يقبلوا على الوحدة، سأرد عليك بأنه لماذا تقلق، سأرسل معك أخصائي فرنشايز من قبلي
معك لهجرتك وسيستقرئ الواقع هناك وبالنهاية الفرصة تتمثل في معدل عائد على
الإستثمار إن رأينا عوامل نجاحه متوفره لديك فسنشجعك على الإقدام ولنقل بأنك
ستوافق، هنا قد نكتشف بأنه فعلاً يوجد بالهجرة محاولات في مجال مشروبات القهوة إلا
أنها لا تصل لمستوانا وكل عوامل النجاح متوفره وبالتالي فأنت هنا ستكتشف بأن ما
اعتقدت بأنه موطن فشل تحول لموطن نجاح بسبب عدم إجادتك لقراءة الواقع كما نقرأه
نحن. كذلك لنعكس المثال ولنقل بأنني مانح في مجال مشروبات القهوة ذات ثقافة معينة
ولنقل مشروبات القهوة العربية، وأنت ممنوح محتمل تريد الإستثمار في علامتي التجارية
في مدينة معروفة بنمطها العصري وسيطرة إسلوب حياة معين، فهنا المعيق لك بنظرك هو
أنه ثقافة السوق ستعتبر عائق لك وستعتبر بأنه الإكتفاء متحقق هنا بناء على ثقافة
العملاء، سأعيد وأرسل ممثل من قبلي للنطاق المستهدف واكتشف بأن عوامل النجاح
متوفره، وبالتالي فما اعتقدته انت من تشبع حاصل هو منحصر في مجال وثقافة محددين،
بينما الواقع أثبت القدرة على خلق فرص مرتبطة بمجالي وبالتالي أثبت مرة أخرى فشل
إعتقادك. هنا الإكتفاء او التشبع إرتبطت أبعاده بنمط حياة مرتبط بمجال بشكل رئيسي
بدون الخوض في عوامل النجاح الأخرى المرتبطة بنشاطي. كمثال آخر مختصر عن الأجهزة
المحمولة الذكية، بالسابق كانت اجهزة الهاتف المحمول دورها مقتصر على المكالمات والرسائل
النصية وقوائم الإتصال وبعض التطبيقات البسيطة، كان الصانعون ينافسون على تقليص
حجمها وإضافة المزيد من التطبيقات لها، بينما كان هناك سوق آخر لأجهزة المساعدات
الرقمية، وكانت تقوم مقام المساعد الشخصي للمستخدم كذلك من خلال التطبيقات التي
توفرها بدون قدرة توفير إمكانيات الهاتف المحمول، طبعا كان هناك كذلك سوق آخر جمع
بين مفهوم المساعد الشخصي والهاتف المحمول ووجد سوق آخر لكن إقتصر وجوده على عالم
الأعمال ولم يستفد منه المستخدم العادي، طبعاً هناك عوامل عديدة مرتبطة بنظام
تشغيل وتطبيقات ومجالات وخلافه، مع الزمن دمج كل ما سبق في جهاز واحد واصبح
المستخدم واحد كذلك مهما تعددت المجالات التي يتنقل بها، إلا أن الأجهزة ترك
الصانعون لها قدراتهم على تقليص حجمها ورجعوا الآن يعيدون الأحجام الكبيرة للسوق
واصبحت شاشات الخمسة إنش قد لا تلبي إحتياجات المستخدمين والبعض يطلب المزيد وظهر
سوق الأجهزة اللوحية وتعددت الخيارات، وبالتالي التشبع أو الإكتفاء من كان يؤمن به
فهو قد أثبت بأنه يعيش في بيئة هو لا يفهم طبيعة حراكها ومفتقد للديناميكية وتحول من
قائد للسوق إلى تابع، طبعاً هذا إن لم يختفي من الوجود. هنا سيظهر لك أوجه عديدة
للتشبع أو الإكتفاء وكلها بالنهاية دائرة حول حياة عميلك المستهدف، لا ترهق نفسك
بتعديد أوجه التشبع فلن تستطيع وإن إعتقدت بأنك تستطيع فإرجع وتعمق بمجالات أخرى
وانظر لحجم الشبكة المعلوماتية التي ستجدها في مخيلتك وسيسهم الزمن وتنقلك بين
بيئات عديدة في تغييرك لها كذلك. المثال الأخير سيكون كذلك على إعتبار أني مانح في
مجال المركبات وأنك ممنوح محتمل وأتيت إلي راغباً في رخصة تستثمر بها إعتماداً على
نجاحي ولنقل بأنك تمتلك معرفة فنية لكنك ترغب بالإستثمار في وحدات لا ترتبط بخدمة
ما بعد البيع، هنا سأرد عليك بالإكتفاء في النطاق الجغرافي لي لكن إن رغبت فهناك
سوق متوفره به منتجات لي لكنه سوق غير سوق المدن فلماذا لا تعتمد على معرفتك وامنحك
رخصة عمل عوضاً عن رخصة الوحدة وعدد المنتجات او الوحدات لي في هذا السوق سيفتح لك
مجال إستثمار مزدهر، هنا أنا سأغير مفهومك عن خدمة ما بعد البيع وأجعلك تعرف بأن
الربح لدي في رخصة الوحدة التي تبحث عنها متمثل فقط في المبيعات بينما العميل في
خدمة ما بعد البيع الربح من خلفه مستمر من إستمرار إمتلاكه للمركبة ومن إستمرار
غيره كذلك، فقط ما سيجعلك تفقد الحصة هو إختفاء هذه المركبات من الوجود.
طبعاً الآن بعد هذه الأمثلة القصيرة ستعرف بأن التشبع أو الإكتفاء زاد
من حجم الحيرة لديك وقد يكون أفقدك القدرة على فهم هذا الطرح وعلاقته بعنوان
التدوينة، لا تقلق، فكل ما سبق الهدف منه وضعك في الحراك بمستوى رئيسي بدون التعمق
في التفاصيل، فالهدف هو معرفة ما يفترض بالمانح أن يمنحه من الرخص؟
الجواب هنا بأنه لايوجد جواب محدد، فالعوامل عديدة ولن تستطيع حصرها،
فهناك عدة مجالات ستجد بها مُنّاح، وهناك كذلك عدة رخص يقدمها هؤلاء المُنّاح،
وهناك كذلك الأهم وهو النطاق الجغرافي وطبيعة تركيبة السوق به، وهناك برنامج التطوير للفرنشايز، وهناك التسويق
وهناك كذلك بيئة صناعة الفرنشايز بحد ذاتها، فقط إعرف بأنه كل ما يتأكد المانح من
تلبية الموقع المُقترح من قبل الممنوح المحتمل لمعايير دليل إختيار الموقع لديه فهنا
أصبحت لديه فرصة لمنح رخصة، وكل ما تعدد الممنوحين وتفوقت المواقع كلما زاد رصيد
الرخص الممنوحة من قبل المانح، لهذا يعتبر موافقة المانح على الموقع شرط رئيسي قبل
توقيع العقد مع ممنوحه، وإلا فإنه سيتحمل كل تبعات إخفاقات الممنوح لاحقاً.
طبعأً كذلك أنت هنا سيتبين لك بأن هذا لن ينطبق على الرخصة الممنوحة
خارج دولة المانح، لكن المضمون سيتكرر مع الممنوح بنطاقه الجغرافي.
بالنهاية تجدر الإشارة إلى أنه إن كنت مانح أو مانح محتمل وقرأت ما
سبق، فبالتأكيد قد ورد إلى ذهنك اسئلة أخرى مثل "هل فعلاً سأمنح رخص
الفرنشايز الخاص بي وسأنجح" و "إلى متى سأستطيع منح رخص الفرنشايز الخاص
بي"، هنا أريدك فقط أن تعرف بأن لبرنامج الفرنشايز لديك ونجاحه دور في
الإجابه وتليه مباشرة بيئة صناعة الفرنشايز بنطاقك الجغرافي، فكل ما سبق الهدف منه
هو توضيح لأبعاد السؤال المطروح كعنوان للتدوينة، والطرح حول هذا السؤال متعدد
ومتنوع، إلا أنه كما أتمنى ما طرحته يمثل نقطة إنطلاق للتعمق والبحث خلف الإجابات
وبالتأكيد ستصل إلى أنه تلبية الموقع للمعايير سيعطي رقم يضاف إلى رصيد الرخص
الممنوحه، قد لا يتطابق مجموع هذه الرخص مع مُنّاح آخرين حتى لو كانوا في نفس
المجال، وقد يتطابق كذلك، الأهم هو إحترام المانح لمعاييره وعدم المغامرة بالتضحية
بها في سبيل توليد موارد مالية بأي طريقة.
0 comments:
Post a Comment