August 15, 2017

طبيعة التمويل كدور بنمو صناعة الفرنشايز

بتدوينة (    تحديات تواجه صناعة الفرنشايز) ورد تعليق عن سبب ذكري للتمويل والتحفيز له بالترتيب السادس كتحدي من ضمن التحديات التي تواجه صناعة الفرنشايز محليا، من التعليق لاحظت بأن القارئ قد استند على حراك المهتمين محلياً بأن التمويل هو العائق الأول، هذا كذلك طبيعي نظرا الى المعاناة التي يعانيها الكثير من الراغبين بالاستثمار وما يشكله التمويل كعائق مستمر لدى الأغلبية بالتالي الاستنساخ للسبب وارد، طبعا بدون التقليل من التمويل كعائق.

شخصيا بدأت بسرد التحديات وفقا للصناعة، فهي فعلا الأساس لكل حراك وما سينتج عن هذا الحراك سيؤثر بشكل مباشر على الصناعة، وكذلك ما تتسم به الصناعة سيلقي بظلاله على هذا الحراك، بالتالي حسب تصوري فالتمويل ان وجد صناعة محفزة له على توليد ارباح سيجد البيئة المحفزة له تلقائيا، التمويل بالنهاية ما هو الا استثمار بحد ذاته، لكي اذكرك عزيز القارئ بالتحديات الخمس السابقة للتحفيز على التمويل فهي كالتالي:

1.      إيجاد هيئة وطنية تعنى بصناعة الفرنشايز.
2.      إيجاد تنظيم ببنية شاملة للصناعة.
3.      العمل على التشريع لقانون مستقل للفرنشايز (بتدوينات سابقة كذلك تم تغطية حجم هذا التحدي وطبيعته).
4.      العمل على تحسين بيئة الأعمال، فبدون بيئة أعمال ناجحة لا تتصور ان تجد صناعة فرنشايز ناجحة، وبالطبع الحديث عن بيئة الأعمال حديث متشعب لكن ما يهمني هنا هو بيئة الأعمال للأنشطة التجارية بحد ذاتها، فنجاحها ومواكبتها لعالم الاعمال اليوم سيكتب بكل تأكيد لصناعة الفرنشايز النجاح من خلال نجاحها المستقل.
5.      تطوير التشريعات بكل المجالات المتصلة بعالم الأعمال، فمثلا ما سبق ذكره من قضية ماكدونالدز ماذا لو واجهناها ولا توجد بنية تشريعات نثق بها كيف سيصبح حال الصناعة!

ان استعرضت النقاط السابقة بشكل معمق ستجد بأنها تهيء لبناء صناعة فرنشايز وطنية تستطيع ان تكتسب ثقة الجميع، فالمخرجات هي فقط من سيحرك بنا عامل الثقة وقبلنا جهات التمويل وليس بعض المقولات والوعود (اعتقد سبق ان ذاقت الصناعة محليا صدمات بسبب مقولات ووعود لفاقدي الخبرة والمعرفة وبعض المتنفعين مما نتج عنها تسطيح لمفاهيم وضياع استثمارات البعض كذلك عوضا عن طبع صورة ذهنية سيئة عن مفهوم الفرنشايز وانه وسيلة للاحتيال، تستطيع ان تكتشف هذا من خلال المحتوى لتجارب سابقة سواء بشكل مباشر او غير مباشر).

لنرجع الى التمويل لفرصة الفرنشايزونستعرض كيف يمكن توفيره للراغب بالاستثمار بفرصة الفرنشايز:

1.      سيولة نقدية جاهزة، حيث سيعتبر الممنوح المحتمل هو صاحب القرار الرئيسي بها.
2.      التمويل عن طريق الأقارب او الاصدقاء، كذلك قد تتعدد صفة الكيان الذي سينتج عن توفير التمويل للاستثمار بالفرصة، وقد يستمر بشخص الممنوح المحتمل، الأهم هو ان الأقارب او الأصدقاء يمكن اعتبارهم ذو قدرة على التمويل.
3.      مدخرات التقاعد، كذلك سبق تغطية هذه النقطة بتدوينة مستقلة على الرابط التالي: المتقاعدين والفرنشايز
4.      القروض البنكية التجارية، هنا عادة كذلك اكثر من سيستطيع التمتع بها هو صاحب الاعمال القائمة لقدرته على تلبية بعض المتلطبات التي تفرضها جهات التمويل.
5.      التمويل من قبل المانح، وهنا عادة يكون هناك تنوع بين اتفاقية مع طرف ثالث من قبل المانح للتمويل، او كذلك ذراع تمويل داخلي ان وجد، الأهم ان تعلم بأن التمويل من جهة المانح يتمثل باستقلالية كاملة عن نشاط المانح الرئيسي، كذلك ان كنت بدولة تعتمد مستند افصاح ضمن قانون الفرنشايز لديها فانصحك بالاطلاع عليه ان كان يجبر المانح على الإفصاح عن هذه النقطة.
6.      التمويل عن طريق جهات داعمة ولا تعتبر تجارية، كبعض الجهات محليا مثل بنك التنمية التنمية الاجتماعية (بنك التسليف سابقا) وغيره، الامر هنا كذلك له بعض الإشكالات حسب تجربتنا المحلية السابقة وكيف يكون هناك فشل في فرض معايير ومعرفة الدور الذي سيتم اتخاذه، هناك تجربة SBA بالولايات المتحدة واعتقد بانها انضج تجربة لأنها تمارس دورها بحضن صناعة نضجت على مر السنين وأصبحت مضرب مثال على مستوى العالم.
7.      هناك بعض الجهات الداعمة للتمويل، بحقيقة الامر لم يحصل لي الاطلاع على تجربة احد منهم لكن ساستعرض المفهوم المتبع لديهم وهو يتمثل بإيجادهم لكيان يجمع بين من لديهم قدرات مالية وبين من لديهم رغبات بالاستثمار  ويقوم باستعراض الفرص ومن ثم اختيار الفرصة وتقديم التمويل لها، طبعا الامر هنا استثمار كذلك من قبلهم قبل ان يكون استثمار لك بفرصة الفرنشايز التي تستهدفها، بالتالي يجب عليك معرفة ما ستجنيه لاحقاً، طبعا هذا الامر لا ينطبق عليهم فقط بل كذلك على القروض البنكية.

بعد ان استعرضت القنوات التي يمكن من خلالها تمويل فرصة الفرنشايز، دعني اقدم لك سيناريو بسيط سبق ان عاشرنا احداثه محليا، فرصة فرنشايز ظهرت من العدم وحصلت على التزام بالتمويل لها من بنك التنمية الاجتماعية (بنك التسليف) واقبل عليها الأغلبية لدرجة بان أصبحت الفروع تصطف بجانب بعض وانتهت التجربة بمأساة، بصرف النظر عن التفاصيل لكن هذه التجربة تؤكد لك بأن التمويل في ظل بيئة غير منظمة سينتهي به الحال للفشل، قد تتعدد الآراء بأنه ماذا كان يجب ان يحصل وخلافه، الا انها بالنهاية كلها ستصب في قناة واحدة وهي صناعة الفرنشايز وطبيعتها، فمحليا الصناعة لدينا حتى عندما نتحدث عن النمو بها تجد كثير من العبارات تمر مرور الكرام بينما هي تحمل العديد من المغالطات، كمثال على ذلك عندما يتم الحديث عن نمو الصناعة، تجد دائما الاختزال لها بحجم مبيعات يليه تقديم نسبة نمو، فعليا هذا الامر غير صحيح بشكل مباشر، لبنة الصناعة تبدأ برخص ممنوحة وبالتالي تنتهي بها، كل ما نمت عملية المنح لهذه الرخص نمت الصناعة وخلقت فرص عمل وعوائد على المانح والممنوح وبالطبع المبيعات تحصيل حاصل لما نتج عن عملية المنح، أي ان اختزال النمو فقط بمبيعات لا يعطي فهم اعمق لطبيعة الصناعة فهي قائمة على المنح بالأساس وبالتالي نمو عمليات المنح هو المساهم الرئيسي بنموها، من هذا المثال كيف تتوقع ان يثق بك ممول وهو يرى بأنك لا تحسن فهم طبيعة النمو للصناعة! تستطيع اكتشاف هذا الامر عند اطلاعك على بعض الإحصاءات عن دول أخرى يتم تقديمها محليا، بعضها ان لم يكن كلها تستخدم فقط للتحفيز على الاتجاه نحو الفرنشايز، شخصيا لا اعتبر هذا عيب فهذا جانب من جوانب إيجابية لنظام الفرنشايز كنظام منح، لكن ان نقدمها بدون حتى ان نفهم طبيعة التمويل ببيئة الصناعات التي اقتبسنا احصاءاتها فاعتقد هذا لا يتعدى قدرات حكواتي، حيث ينتهي الامر بالاكتفاء بالمطالبة بالتمويل وعادة ما توجه المطالبة للدولة وبالتالي اعتبار ان التمويل عنصر أساسي لاخفاق الصناعة وان الدولة مسؤولة مسؤولية كاملة عن هذا الإخفاق، بالطبع ممكن ان ينتج عن هذا تكرار لمأساة بنك التسليف بتجربته السابقة ويتم ضخ مبالغ لتحفيز التمويل وكذلك بشكل طبيعي تتكرر النتيجة (قبل عام 2008 كان التمويل يردد باستمرار كعامل رئيسي لاخفاق الصناعة ولسنوات، حين تم تبني التمويل كحل للنمو في ظل بيئة صناعة لا يتوفر بها أي أسس لبنيتها انتهى الحال بمأساة، فلنفكر قليلا ولا نستمر بتكرار اخطاءنا)، حيث اننا لم نحسن فهم ظروف تساهم بانجاح التمويل، اختم هذه الفقرة بتجربة SBA وكيف بانها تقدم تسهيلات تعزز من قدرة التمويل الا انها كذلك تعاني من فرص اخفق من تم تمويلهم بها، بصرف النظر عن الأسباب اذ ليست بنقطتنا هنا الا انه كيف لصناعة تعتبر العالمية بتجربتها وتمر بتجارب فشل ، فكيف سيكون وضعنا، حصل لنا تجربة سابقة واخفقنا حتى بالتنظيم، لنركز على بيئة الصناعة أولا ثم نجعل التمويل يأخذ مجراه وفق المحفزات له.

بالنهاية من المهم ان أذكر بأن التمويل هو من اسهل الأسباب للتبني، فلا يوجد من يهتم بالصناعة الا ويذكره بالتالي فسيتبناه الجميع بأجندتهم، لكن فهم طبيعته ومحفزات له دائما ما يتم التغاضي عنها، كذلك هذا يعكس عدم اطلاع المتناولين للشأن على طبيعة التمويل للفرصة القائمة، حيث يفترض به القدرة على اكتساب الثقة بشكل اكبر من التمويل لفرص جديدة لم تستطع حتى ان تمارس عملياتها على ارض الواقع ويتم معرفة تقبل السوق لها، بالتالي غياب الثقة للتمويل بفرص قائمة يعكس بان الفرصة تحتضنها بنية فشلت في تقديم ابسط المعلومات عنها.

0 comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...