March 11, 2017

ما علاقة دراسة الجدوى بفرصة الفرنشايز



دائما ما اواجه إشكالية تصحيح مفاهيم عندما يتعلق الأمر بدراسة الجدوى والفرنشايز، خصوصا عندما يكون الممنوح قد اتجه لي بالاستفسار بعد ان فرضت عليه دراسة الجدوى كمتطلب من قبل المانح وجهة التمويل بنفس الوقت، طبعا لا أجد للممنوح أي مسؤولية (بالذات عندما يكون الممنوح يستهدف رخصة الوحدة كاستثمار مستقبلي له) فيما يخص هذا الامر واللوم كله يقع على المانح وجهة التمويل لافتقارهم الى المعرفة والاطلاع على التجارب فيما يخص هذا الشأن بدول قد سبقتنا بصناعة الفرنشايز وتوفير التمويل للاستثمار بالفرص.
بعد المقدمة وقبل ان استمر بسياق التدوينة اريد ان استحضر واقعة حقيقية قد شاهد احداثها الأغلبية المهتمة بهذا الشأن قبل سنوات قريبة، تحديدا بعام 2008 كبداية لها وكيف ان فرصة الفرنشايز تلك قد تم تقديمها على انها طريق النجاح المضمون، طبعا بخلاف النهاية المأساوية وحجم الضرر الذي طال الأغلبية ان لم يكن جميع من اقبلوا عليها، كان هناك جانب مضحك مبكي بها وهي باشتراط دراسة الجدوى بالتمويل للاستثمار بالفرصة، وكيف ان الدراسة كانت تطلب وفق نموذج فرضته جهة التمويل على الممنوحين المحتملين، وكيف ان الدراسات (بحكم بان كل ممنوح محتمل سيقوم بتقديم الدراسة الخاصة به وفق النموذج المقدم له) كانت لفرصة واحدة ذات نتيجة واحدة (طبعا النتيجة متمثلة بالفشل) ومحتوى متباين وذلك بسبب تعدد الممنوحين المحتملين وما قاموا بتقديمه، وما كان يدعوا للسخرية هو اشتراط دراسة الجدوى كذلك من قبل المانح بنفس الوقت الذي كانت جهة التمويل تقوم بطلب دراسة جدوى (المانح لاحقا اكتشف عدم جدوى فرضه لدراسة الجدوى واعتقد هذا التكهن مبني على حسن نية من قبلي، والا فالأمر الذي اثق بانه حدث هو ان المانح قد وجد نفسه امام جهد عمل كبير لتمحيص المحتوى تلى ذلك اكتشافه بانه امام ما يفوق قدراته فصرف النظر عنها كمتطلب)، النهاية بالطبع بكل دراسات الجدوى التي تم تقديمها كانت الفشل وهو ما يدعوا الى وضع علامات استفهام عن حقيقة ما حدث وكيف ان هذه الدراسات جميعا لم تكن قد استطاعت التكهن بهذا الفشل، ما يخص الفشل فهو لا علاقة له بالدراسة بشكل كبير بحكم ان برنامج المنح من قبل المانح تستطيع عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة ان تعتبروه مجرد سلق بيض لا اقل ولا اكثر، اما الدراسة وعلاقتها بالفرصة فبعد استحضار هذا الواقعة فسيتضح لنا بالفقرة القادمة عدم صحة الحاجة لها بشكل كبير الا بحدود ضيقة وبأجزاء من بنية الدراسة فقط.

دراسة الجدوى تعتبر متطلب عند اقبالك على أي مشروع لكي يتضح لك جزء كبير بالتصور عن المشروع وجدواه، وبتعدد محاورها يتعدد المحتوى الذي سيظهر لك كنتيجة للحكم على جدوى المشروع، لكن بفرصة الفرنشايز فالأمر مختلف بشكل كبير والاختلاف الأكبر هو بطبيعة الرخصة، فمحاور عديدة لن تستطيع ان تطبقها حتى وان كنت مقتنع بها لأنك امام فرصة قد تعدت مرحلة دراسة الجدوى وأصبحت جاهزة كبرنامج منح من قبل المانح، للتوضيح سأسرد بالتالي بعض النقاط عن دراسة الجدوى وفرصة الفرنشايز:

1.      فرصة الفرنشايز تعتبر فرصة متكاملة الأركان كمشروع جاهز للاستثمار وبالتالي فانت امام حزمة جاهزة من الصعب ان تعيد هنا نفس الخطوات للخروج بنفس النتيجة، فهذا عبارة عن استنزاف عوضا عن ثبات النموذج التشغيلي للفرصة.
2.      لنوع الرخصة الخاصة بفرصة الفرنشايز دور كبير بتحديد ما انت بحاجة لدراسته، فمثلا رخصة وحدة لا تتطلب منك اعداد أي دراسة، تستطيع اكتشاف ذلك بالتحقق من العبارات التي تصاحب الفرصة كتسويق لها بعدم الحاجة الى خبرة من قبلك بنفس المجال للفرصة وكيف سيناقض ذلك فرض دراسة جدوى عليك.
3.      حين تكون امام فرصة ماستر او تطوير فبالتأكيد بانك بنطاق جغرافي خارج نطاق المانح، عليه هنا انت ستقوم بدراسة جدوى وفق محاور محددة من بنية دراسة الجدوى، فمثلا من الصعب ان تبذل جهد كبير بالمحور الفني وانت ستحصل عليه بشكل جاهز، لكن ستحرص على استكشاف ما يمكن ان يؤدي الى اصطدام بثقافة سوق كالمشروبات الكحولية ان وجدت، اما محور السوق فهو بالتأكيد ستحرص عليه لأنه سيمثل استراتيجيتك بالاستثمار بالفرصة وكذلك ما ستعرضه للمانح للثقة بك بأن ستصبح شريك يسهم في إنجاح علامته بسوقك المستهدف.
4.      ما ينطبق على رخصة الماستر والتطوير من جانب النطاق الجغرافي ينطبق كذلك على الرخصة المنمذجة وفق طبيعة التوزيع.
5.      المانح أعلم بسوقه لما يمتلكه من موارد، فمن الصعب بأن يفرض عليك دراسة جدوى بسوق يدعي معرفته به، هنا ان طلب منك هذا الامر فاعرف بانك امام مانح يجب ان تصرف النظر عنه فوراً، طبعا كذلك لا تنسى طبيعة الرخصة لتقييم هذه النقطة وفق ما ورد بالنقاط 2،3 و4.
6.      نظرا لغياب الثقافة الخاصة بتمويل فرص برامج المنح وانعدام التعاون بين المُنّاح والممولين للتحفيز على التشريع فيما يخص هذا الشأن عوضا عن فقدان الثقة ببرامج المنح المحلية وفوضوية بنية صناعة المنح محليا وعدم بذل الجهات المكلفة بتنظيم وتنمية الصناعة باي جهد على مدى عقود واكتفائهم بالصراخ المتكرر لتحميل غيرهم ما فشلوا به فلا بد ان تعرف بان كل ما يفرض من متطلبات بشأن التمويل لاستثمار بفرص المنح هو عبارة عن اجتهادات شخصية وفق رؤى مقدميها، عليه قد ترى بانه من الصعب ان تواجه بعض المتطلبات بالرفض رغبة بالحصول على التمويل، لكن يجب عليك بان تفعل هذا وفق منهجية تتبعها وتعرف ابعادها بوضوح، الأهم هو ان تكون متمكن من السيطرة على حيثيات هذه الفوضى حتى لا تطالك وتنتهي بفشل.

بعد ما سبق أتمنى باني قد استطعت توضيح الصورة بهذا الشأن، يبقى فقط توضيح ما يجب فعله بخصوص التمويل لفرص برامج المنح سواء فرنشايز او ترخيص وخلافه، ولا اعتقد بأننا بحاجة الى إعادة ابتكار نماذج قد سبق تطبيقها (مؤخرا اصبح يصيبني حالة غثيان عندما اقرا عبارة "بالاطلاع على افضل الممارسات الدولية" ثم تكتشف بأن ما يتم تقديمه لم يستفد من اي ممارسة دولية اطلاقاً، عليه لا تثق مبدئيا باي طرح دون تمحيصه، فللأسف اصبحنا امام من ينسخ ويلصق كل ما يصادفه بدون فهمه عوضا عن تحويله لما يتوافق مع فهمه)، اعتقد انجح تجربة بهذا الشأن هي تجربة SBA (small business administration) فيما يخص اعتماد الفرص للتمويل ( فهم طبيعة الرخصة المستهدفة بالتمويل مهم جدا جدا جدا) وبهذا يتجاوز الممول مسألة الدراسة المستفيضة بكل محاورها وهو لن يستطيع حتى ان يقيمها ويرهق كاهل الممنوح المحتمل بكل صغيرة وكبيرة دون ان يعي بان المانح يفترض بأنه قد تجاوز هذه المراحل وانه اعلم بسوقه من ممنوحه المحتمل.

2 comments:

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...