الفرنشايز ونقل المعرفة
دائما الحديث عن نقل المعرفة تتعدد مظلاته، ومن ضمن هذه المظلات أنظمة
المنح مهما كانت طبيعتها، سواء فرنشايز، ترخيص، امتياز تجاري، وكالة وخلافه؛ إلا
أن الدافع خلف الحديث عن نقل المعرفة من تحت مظلة أنظمة المنح مختلف بين مقدميه،
فمنهم من ينطلق من خلال أيدولوجيات عرقية ودينية ومنهم من يتعمق بها لمستوى
الاقتصاد، ومنهم من ينطلق من خلال أحداث يتناول من خلالها موضوع نقل المعرفة وتكون
المخرجات عادة تكوّن حلقة جديدة من مسلسل المؤامرات كمؤامرة المجلدات؛ ستتعدد
المخرجات وتتعدد المنطلقات إلا أن هذه التدوينة تهدف إلى توضيح علاقة الفرنشايز
بنقل المعرفة.
تتعدد أوجه المعرفة بين المتناولين لها، فقد تجدها تختزل بطريقة إنتاج
وقد تجدها تأخذ حجم أكبر وتصل لمستوى فلسفي، وقد تجدها كذلك ترتبط بعلم من العلوم
كالمعرفة الإدارية او التقنية وخلافه، وقد تجدها بسياق المعرفة الفنية وذلك
للإشارة إلى مجموعة من الآليات تُسهم في تنفيذ مُخرجات تتميز بها منشأة من المنشآت،
وقد تجدها بنمط مختلف ومبسط ينطلق باستخدام مصطلح كيف
(HOW TO)؛ ستتعدد الأوجه وتتعدد
طبيعة المتناولين إلا أن من ضمن المتداولين ستجد صنف يتميز بانتسابه إلى حقل
الأعمال التجارية وسعيه إلى توظيف المعرفة بأعماله لزيادة أرباحه، وبالطبع سيسعى
إلى طلب أحقية الانتفاع بهذه المعرفة لجعلها تميز له عن غيره من منافسيه بمجاله
وسيتبقى له البحث عن المظلة المناسبة لضمان نقل هذه المعرفة بالاتفاق مع مانحها وستتعدد
الخيارات أمامه، منها ما سيشكل تكامل تام بينه وبين مانحه ومنها ما سيقدم جزئيات
ومنها ما سيختلف بمفهومه وبما يقدمه كعقود الـ BOT إلا أنه
سيسعى إلى مظلة مختلفة توجد تكامل بينه وبين مانحه حتى بمستوى الوجود بالسوق
والعلاقة المستقبلية والتجديد بها وهنا سيبرز نظام الفرنشايز لقدرته على تحقيق هذا
الهدف ويضاف إلى ذلك قدرته بتنوع مخرجاته من الرخص بما يضمن الشمولية لموارد المستثمرين
بكل أنواعها ومن هنا سيتبقى أمامنا ان نبني التصور لطريقة نقل المعرفة داخل نظام
الفرنشايز.
قبل أن نصل لنقطة نقل المعرفة لنحاول أن نفسر طبيعة المعرفة التي
ستنقل، فالبعض يختزل الأمر بعلامة تجارية ومخطط وحدة ومحتوى جرافيك وخلافه، وهناك
من يوسع من دائرة الاختزال لتشمل تطابق المنتجات والخدمات، وهناك من يتوسع أكثر
ليصل لمستوى المعايير بالتشغيل وهناك من سيصل لمستوى الهيكلة وهكذا، بالتالي ستصل
إلى طريق لن اقل انه مسدود كثر ما هو مقنن، كمثال بإمكانك ان تتصور انك مانح بمجال الوجبات السريعة وتتميز
بمنتجات تحتوي على خلطة سرية تعتبر سبب رئيسي للعملاء لزيارتك وكذلك زيارة ممنوحيك
واردت ان أطالب بنقل معرفة اعداد الخلطة السرية الى ممنوحيك، بالطبع سترفض
فبالنهاية هي أساس بكل تأكيد لنجاحك ولن تفرط بها الا انك كذلك لم تحجب عملية
التوريد لها لممنوحيك وبالتالي لم تحرمهم من الاستفادة منها بمبيعاتهم، بالطبع هنا
سترى التقنين بعملية النقل فعّال لكل الاطراف ولأوضح أكثر لنأخذ المثال ونعدل عليه
ونقول بأنك قد حجبت عن ممنوحيك احقية إضافة الخلطة السرية على منتجاتهم وطالبت بأن
تتم عملية الاعداد للوجبة لديك لأي سبب في ذهنك ولنقل جودة المنتجات وأنك ستتولى
عملية التوصيل للمنتجات لوحدات ممنوحيك، هنا بالطبع ستجد اعتراض من ممنوحيك لعدة أسباب،
فبخلاف تكاليف التوصيل ستجد فقدان الوجبة لخصائصها بفعل عدة عوامل وبالتالي طبعا
فقدان عملاء وخسارة لممنوحيك، هنا ستجد بأن التقنين قد تم إيجاده إلا أنه تم
التعامل معه من افق ضيق مما سبب بإشكالات وفشل العلاقة؛ من هنا ستجد توضيح لمقصدي
انه لن تصل الى طريق مسدود كثر ما هو مقنن، فطبيعة المعرفة تحت مظلة الفرنشايز
متباينة وبعضها ستكتشف بأنها عبارة عن معرفة عامة تميز المانح فقط ببعض المعالجة
لها للخروج بنمط يناسبه، وكمثال على هذا لنقل انك امام فرصة فرنشايز في مجال
الخدمات كتطبيقات الانترنت، بكل تأكيد أن المعرفة هنا ستكون مشتركة بشكل كبير الا
ان آليات المانح هي ما ستساعدك على الانطلاق وإدارة النشاط تحت مظلة العلامة
التجارية، وإلا فانت قادر ان كنت صاحب معرفة بتطبيقات الانترنت ان توجد نشاط مستقل
بك دون اللجوء الى مانح ليساعدك على الانطلاق، لكن بالطبع مسألة ان لديك معرفة
بتطبيقات الانترنت ليست هي كل محاور النشاط لديك، فهناك عمليات داخلية مرتبطة
بأمور إدارية ومالية وتسويقية وخلافه ستجبرك على إيجاد نظام قادر على ادارتها وهذا
ما سيتميز به المانح بشكل رئيسي بخلاف علامته التجارية ان كانت ذا حضور معتبر في
مجال الصناعة المتشارك بينك وبينه، بالشكل التوضيح سأحاول أن افصل طبيعة المعرفة
التي ستتصورها من خلف فرصة فرنشايز بشكل مختصر:
ستجد بأن العلامة التجارية سيشكل العمل عليها حقل من حقل المعرفة،
كذلك الدليل التنظيمي يتبعه الأنظمة الإدارية والمالية ثم مخططات الوحدة والأدلة
سواء تدريبية او تشغيلية والمنتجات والخدمات ستتطلب حقل من حقول المعرفة، كذلك ان
انطلقت من تصنيفها كمخرجات لحقل من حقول المعرفة ستصل إلى ان الوصول الى المستوى
العملي والخروج بها بهذا الشكل يحتاج ممارسة وبعض المهارات مما سيجعل لطبيعة
المعرفة التي سيقدمها المانح تباين وبالتالي فهي تشكل بمجملها حزمة تساعدك على
الانطلاق بتشغيل فرصة الفرنشايز والنجاح.
نقل المعرفة
بالطبع بعد ما سبق ستتسائل عن طريقة نقل المعرفة وقدرة الاكتساب لها، وقد
سبق إيضاح ان لنظام الفرنشايز القدرة على نقل المعرفة، الا ان عملية النقل ستتم
وفق قنوات، وهذا ما سيضمنه دليل الفرنشايز للممنوح، فلكل نوع من المعرفة قناة
لنقلها، فمثلا الية إعداد منتج معين أو تنفيذ خدمة معينة سينقلها لك دليل التشغيل
ضمن حزمة دليل الفرنشايز، وكمثال آخر العمليات الإدارية والمالية سينقلها لك دليل
الفرنشايز كذلك من خلال قناة محددة او بعبارة ادق نموذج نقل مختلف حسب التقسيم
لدليل الفرنشايز بحيث يتيح لك الاستخدام الفوري للمحتوى الخاص به، عملية نقل
المعرفة بالأساس متوقفة على المهارة بعملية التطوير للفرنشايز، فنقل نشاط بالكامل
على شكل أدلة تمنح الممنوح القدرة على الانطلاق ليست بالعملية السهلة اطلاقاً، الا انها
تعتبر من افضل الآليات لنقل المعرفة بالحقل التجاري.
تبقى نقطة أخيرة وهي قدرة نقل المعرفة تحت مظلة الفرنشايز على تهميش
دور التعليم، بالطبع من الصعب جداً تهميش دور التعليم الا ان للفرنشايز دور كذلك
برفع مستوى المعرفة للمتعاملين معه، فمثلا ان كنت صاحب علامة تجارية ناجحة فمن
الطبيعي ان الموظفين لديك تعرض عليهم فرص وظيفية مغرية لاستقطابهم، فكيف ان ضمِن
الساعين خلف استقطاب موظفيك بالحصول على المعرفة الخاصة بك!، هنا بكل تأكيد ستتغير
الأمور بشكل كبير، ويضاف لهذا ما ستحققه من عوائد من خلف عملية النقل، تبقى طبيعة
المعرفة لدى المانح وقوتها هي صاحبة الدور الأكبر في تحديد النجاح.
0 comments:
Post a Comment